أصدرت لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا (الإسكوا) ملخص تقريرها السنوي “مسح التطورات الاقتصادية والاجتماعية في المنطقة العربية” لعامي 2023-2024، مسلطة الضوء على التحديات الاقتصادية والاجتماعية المتفاقمة التي تواجه المنطقة العربية خلال الفترة الممتدة بين 2023 و2026. ويتناول التقرير أزمات عدة، تشمل الحروب والتوترات السياسية، والأوضاع الاقتصادية العالمية، وتقلّبات أسواق الطاقة، ويقدّم توقعات تفصيلية عن مسارات النمو المستقبلي.
وبحسب التقرير، من المتوقع ألا يتجاوز نمو الاقتصاد العالمي نسبة 2.7% في عام 2024، متأثرًا بعوامل مثل استمرار ارتفاع أسعار الفائدة العالمية والتهديدات التي تواجه التجارة العالمية، وهي عوامل لها تأثير على الاقتصادات العالمية والمنطقة على حد سواء.
وفي هذا الإطار، يتوقع التقرير أن تسجل المنطقة العربية نموًا اقتصاديًا بطيئًا بنسبة 2.5% في عام 2024، مدفوعًا بآثار الحرب الإسرائيلية على غزة ولبنان، وكذلك النزاع في السودان، إلى جانب تذبذب أسعار الطاقة، مرجّحًا أن يعاود الارتفاع مجددًا ليصل إلى 3.9% في عام 2025.
ويشير التقرير إلى أنه على الرغم من التخفيض الطوعي من قبل الدول الأعضاء في أوبك+ لإنتاجها النفطي خلال النصف الثاني من عام 2023، إلا أن المعروض النفطي لا يزال يفوق الطلب، ما يزيد من الضغوط على الدول المنتجة للنفط. وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي تحديدًا، يتوقع أن تواصل استثماراتها في القطاعات غير الهيدروكربونية، مما يخفف من الآثار السلبية لانخفاض أسعار النفط، مقدرًا نمو الناتج المحلي الإجمالي لها بنسبة 4.3% في عام 2025.
وفي حين يوضح التقرير أنّ زيادة الطلب العالمي على الفوسفات والغاز ستساهم في تعزيز النمو في الدول العربية المتوسطة الدخل، حيث من المتوقع أن يسجل نسبة 2.8% في عام 2024، ثم يرتفع إلى 3.6% في عام 2025 ، فإن تداعيات الحرب على غزة ولبنان تؤثر بشكل مباشر على الاقتصادات المجاورة مثل مصر والأردن.
ولا تزال البلدان المتأثرة بالنزاعات و الحروب تعاني من انكماش اقتصادي شديد، حيث سجلت فلسطين انكماشًا بنسبة 13.3%، والسودان بنسبة 12.6% في عام 2024. أما لبنان فقد شهد انكماشًا اقتصاديًا بنسبة 1.9% على الأقل في عام 2024.ويشير التقرير أيضًا إلى أنّ أقل البلدان نموًا في المنطقة ستشهد نموًا بنسبة 4.4% في عام 2024 مدفوعًا بزيادة النشاط في القطاعات الاستخراجية.
من ناحية أخرى، يدق التقرير ناقوس الخطر حول معدلات البطالة المرتفعة في المنطقة العربية، مع تقديرات بوصولها إلى 11.5% في عام 2024، وينذر أن عدد مَن يعيشون تحت خط الفقر في المنطقة سيشكل أكثر من ثلث سكانها خلال الفترة 2024-2026.
ويؤكّد التقرير على أهمية التعاون الإقليمي لمواجهة الأزمات المتزايدة. وفي هذا الصدد، ذكر المشرف على فريق إعداد التقرير بالإسكوا أحمد مومي بأنالمنطقة بحاجة إلى خطط شاملة للتنمية تعتمد على الابتكار وتعزيز الشراكات الإقليمية والدولية لمواجهة التحديات بفعالية.
ويشدّد على ضرورة تبني سياسات إصلاحية جذرية تركز على تعزيز التعاون الإقليمي، وتنويع مصادر الدخل، ودعم الفئات الأكثر عرضةً للمخاطر.
وأضاف مومي: “الظروف الحالية تُظهر أهمية العمل المشترك لتخفيف الآثار السلبية للأزمات المتشابكة، من خلال التركيز على تمكين الشباب ودعم الفئات الأكثر تضررًا لضمان مستقبل مستدام.”
ويُذكر أن التقرير يمثّل مرجعًا مهمًا لفهم تأثيرات الأوضاع العالمية والإقليمية على البلدان العربية، مع تقديم أفكار وتوصيات لمواجهة التحديات الاقتصادية والاجتماعية المشتركة لبلدان المنطقة.